أولمبياد الألكسو لتعزيز قدرات الطفل العربي في منهجيات البحث العلمي

تؤكد الدراسات التربوية الحديثة علــى أهمية التعليم من أجل تنمية الفكر عند التلامذة، لتكوين الفرد المبدع والمنتج والقادر على المساهمة في تطوير مجتمعه وتقدّمه، والمتحلّي بصفات الباحث من حيث الموضوعية في الحكم، والمرونة في التفكير، والبعد عن التعصّب والأهواء الذاتية، والقادر على معالجة المشكلات في أُطرها المحددة وظروفها الإجرائية. ومن هنا تأتي أهمية البحث العلمي كوسيلة ناجعة لتحقيق الغايات والمقاصد التربوية التي تسعى جميع النظم التربوية في العالم إلى تحقيقها، لأن البحث العلمي هو عملية منظمة، تستخدم فيها أساليب الاستقصاء والملاحظة وعمليات البحث المختلفة في مجال من مجالات العلوم، وتقود للتوصّل إلى حلول لمشكلات أو إجابات عن تساؤلات، ويمكن أن تؤدي إلى اكساب معارف جديدة. ومن هنا فإن "تقدّم المعرفة" وتوفير ظروف أفضل لبقاء الإنسان واستدامة رفاهيته وأمنه، هي من الوظائف الأساسية للبحث العلمي. وقد أصبح البحث العلمي سمة حضارية، تتعاون الأمم، وتتنافس أحيانا، على توفّير وسائله ومتطلباته حتى تتمكّن من الرقي والتقدم والوصول إلى أفضل الحلول للمشاكل التي تواجهها.

وعلاوة على ما يُحقّقه البحث من منافع للمجتمعات الإنسانيّة، فإنه يعود على الباحث نفسه بفوائد شخصية هامة؛ إذ يصبح أكثر قدرة على حل مشاكله الخاصة، وأكثر كفاءة في الحكم وسلامة التقدير؛ كما أنّ اكتسابه لضوابط ومنهجيّات البحث يساعده في تقويم ما يتعرّض إليه من أقوال وأفكار ومزاعم، ويعطيه الفرصة لاختبارها والتأكد من صحتها، عوضا عن استقبالها وتمثل مصداقيتها دون تمحيص. كما أن ممارسة البحث العلمي تعطي للباحث خبرة مثيرة وتجارب ممتعة، وتشبع لديه دوافع الاستطلاع والاستكشاف وتساعده في تحقيق الذات، وتمكنه من الإبداع والتميز والشعور بالرضا عن النفس.

وانسجاما مع ما ذُكر، قامت الألكسو بإطــــلاق "أولمبياد الألكسو لتعزيز قدرات الطفل العربي في منهجيات البحث العلمي"، لتنمية البحث والابتكار والعمل الجماعي لدى التلميذ العربي منذ الصّغر، من خلال نشر وتعميم ثقافة البحث العلمي في المؤسسات التربوية العربية. ومن المؤمل أنه من خلال تنفيذ الدورات المتتالية من هذا الأولمبياد، والاجتماعات المستمرة بين الخبراء والباحثين في الوطن العربي، يمكن الوصول إلى "مؤشّرات عربية لقياس جودة التدريس في المؤسسات التعليمية العربية"؛ وتحقيق إضافة نوعية في مجال تأكيد مكانة العلوم وأهمية البحث العلمي في المنظومات التربوية العربية، وتعزيز جــودة أداء النظم التعليميّة في الوطن العربي بشكل موضوعي ودقيق.

والأولمبياد كما هو مخطّط له، هو مُسابقة تُشرف عليها وتنظمها الألكسو بالتعاون مع اللجان الوطنية والوزارات العربية المعنيّة. وستكون هذه المسابقة دورية، تُعقد مرة كل سنتين بإحدى الدول العربية، ويتم تحديد موعد وفترة انعقادها من قبل المنظمة والدولة المستضيفة لها. ويستهدف الأولمبياد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 سنة، من الدارسين بالمــدارس الحكومية أو الخاصة المعترف بها من جهات الاختصاص بكل بلد عربي. وتحدد اللجنة العلمية موضوعات المسابقة في كل دورة بالتنسيق مع اللجنة العليا للأولمبياد. ويهدف الأولمبياد إلى تشجيع الأطفال العرب وحفزهم على التعاون والعمل بروح الفريق، وتمكينهم من البحث عن المعلومة في أكثر من نوع من أنواع المصادر، وتوظيفها، ووضعهم في مواقف تعليميّة جديدة، وتمكينهم من أسس ومنهجيات البحث العلمي وإجراء الدراسات وكتابة التقارير العلمية.  وتعود مرجعية هذا الأولمبياد إلى:

  • قرارات القمم العربية، ومؤتمرات الوزراء المعنيّين بتطوير البحث العلمي.
  • الاستراتيجية العربية للبحث العلمي والتكنولوجي والابتكار.
  • خطة تطوير التعليم في الوطن العربي.

وتسعى الألكسو من خلال تنظيمها للأولمبياد إلى الخروج عن المألوف في المسابقات الإقليمية والدولية التي يتم فيها التنافس بين المتسابقين لغرض اكتشاف المتفوقين من بينهم، حيث إنّ الغاية الأساسية منه ليست اكتشاف المتفوّقين والنوابغ، بقدر ما هي:

  • توطيد وترسيخ التعاون بين الوزارات والمؤسسات التربوية والتعليمية العربية.
  • نشر ثقافة البحث العلمي لدى التلميذ العربي.
  • إكساب التلميذ العربي مهارات العمل الجماعي والتأقلم في العمل مع زملاء جدد ومن جنسيات وثقافات مختلفة.
  • تنمية حب البحث العلمي، وتنمية اتجاهات الطفل ودافعيته نحو البحث.
  • تعزيز مهارات حب الاستطلاع والاستكشاف، وتحقيق الذاتية لدى الطفل العربي.
  • إكساب التلميذ القدرة على حلّ المشكلات اليومية التي تواجهه في حياته.
  • مساعدة التلميذ على إصدار الحكم والتقدير بشكل سليم وبدقة.

وتشترك الألكسو في تنظيم الأولمبياد مع:

  • الوزارات المعنية بالدول العربية.
  • الدولة المستضيفة للأولمبياد.
  • المؤسسات والهيئات والمنظمات العربية والإقليمية والدولية.
  • الجامعات الرسمية والخاصة.
  • المراكز التربوية العربية والإقليمية.
  • اللجان الوطنية العربية للتربية والثقافة والعلوم.

ومن النتائج التي تأمل الألكسو تحقيقها من تنفيذها للأولمبياد:

  • إيجاد مؤشر عربي خاص لتقييم جودة تعلم العلوم المختلفة في المنظومات التربوية العربية.
  • إنشاء شبكة عربية لمعلمي العلوم المختلفة.
  • إنشاء شبكة عربية للطفل العربي الباحث والمبتكر والمبدع.
  • وضع أطر تربوية ودراسات وبحوث وأوراق علمية خاصة بنشر ثقافة البحث العلمي.
  • تنمية مهارات البحث العلمي عند التلامذة، كتصميم التجارب، وجمع البيانات وتبويبها، وضبط متغيـّرات وعوامل الصدق الداخلي والخارجي المؤثرة في إجراء البحوث.
  • تنمية الميول والاتجاهات الإيجابية نحو إجراء البحوث.
  • تعزيز القدرة على استخدام وربط التكنولوجيا الحديثة مع البحث العلمي.

 

  • وفي إطار التحضير لتنظيم الدورة الأولى من الأولمبياد نهاية العام 2019، عقدت الألكسو الاجتماع التحضيري للأولمبياد، بالتعاون مع اللجنة الوطنية اللبنانية للتربية والعلم والثقافة، في الفترة 23-25 أكتوبر 2018، ببيروت/ الجمهورية اللبنانية، وتمت دراسة ومناقشة الوثيقــة التعريفية الخاصة بالأولمبياد،
  • ولــهـــدف الخروج بعيّنات ونماذج من البحوث التي تتناسب مع قدرات ومهارات الفئة المستهدفة في الأولمبياد والتي تتـراوح أعمارهم بين 13و15عاما؛ نظّمت الألكسو دورة تجريبية للأولمبياد في شهر مارس 2019، بالتعاون مع الجمعية التونسية للمعلوماتية، وجمعيّة أحبّاء المكتبة الجهوية بمدينة نابل بالجمهورية التونسية؛ وتمّ اختيار عيّنة من تــلامذة المرحلة الإعدادية، تكوّنت من تسعة وأربعين (49) تلميذا، شاركوا في الدورة التجريبية؛ وتمّ إجراء المسابقة وتقييم أعمال التلاميذ المشاركين من قبل لجنة التحكيم التي تكوّنت من أســاتــذة من اختصاصات مختلفة، والإعـــلان عــن النتائج يوم 18 مارس 2019؛ وتـــمّ تنظيم حفل تكريم للفائزين في المسابقة يوم 21 مارس 2019 بمقر المنظمة بتونس. ومن مُخرجات هذه الدورة التجريبية، تمّ اختيـــار عيّنات ونماذج من البحوث الحــائزة على المــراكز الأولى للاسترشاد بها في المسابقات الوطنية والعربية.